الثلاثاء - 26 ديسمبر 2023 - الساعة 07:06 م
بدأ زميلي رئيس اللجنة الإعلامية لاتحاد كرة القدم خالد السودي يتحسس قفاه، وهو يسطّر أحرف مقالة كتبها على حسابه في الفيسبوك، استهدف بها معالي وزير الشباب والرياضة نايف البكري، منتقصًا من إمكانياته ومقللًا من جهوده في انتشال وضع الرياضة ما بعد الحرب، بعبارات مثيرة للشفقة ومدعاة للسخرية، عقب غلطته الفادحة في نشر بيان ظهر بأسمه في صفحة الاتحاد الرسمية، فأوقع نفسه في مفارقات عجيبة غريبة.
كم وددت لو أن العزيز أبا "ريان"، تلمس وجعه وحده، ودارى ألمه ومكنون سره بعيدًا عن أعين العامة دون الحاجة إلى عبور الأزقة الشاحبة التي أراد من خلالها أن يكون صقرًا بجناحي بعوضة، وأسد بقلب نعامة..
بأماكانك يا سودي أن تقول ما تشاء فنحن في زمن انعدمت فيه (الأمانة) وتلاشت من على جنباته (الحقيقة)، وطال ترف المغالطة فيه كل شيء.. "زمن" ارتفع فيه صوت (الباطل) وعلاء صرير (البهتان) فكانت النتيجة كلمات مقززة هي أقرب للهذيان منها إلى الحقيقة.
ما تنتقص منه يا خالد ليس عيبًا ولا قبحًا ولا رخصًا ولا عارًا، إذ أن حمل البندقية (شرفًا) واستنشاق البارود (فخرًا) وسماع الانفجارات والتمرغ في تراب المعارك (عزة)، ومقارعة الأعداء نهارًا جهارًا (منقبة)، والذود عن الدين والوطن والعرض (فضيلة)، والمشي حافي القدمين وسط لعلعة الرصاص (مأثرة) وخلود وعظمة، لا أدري أن كنت قد تناسيت يا صاحبي، أن خوذة الجندي في المعركة والمدافع عن أرضه، أشرف وأعظم من سياسي قبيح ومترفهٍ لاهٍ.
تمنيت يا صديقي وأنت في غمرة انشغالك ان تترك نايف البكري جانبًا، وددت لو أنك تعاطيت مع المشكلة القائمة بين اتحاد القدم وزارة الشباب والرياضة بموضوعية وتعاملت بمسؤولية، لكنك لم تختر منطقة وسطًا، ربما بإيعاز من أخرين، سوّلوا لك أمرًا فأوقعوك من حيث لا تدري، إذ غاب عنك العدل وفارقتك الحكمة وغادرت ساحتك الرصانة، وأجزم أنهم لم يخبروك أن الفتنة حين تحضر يغيب بسببها العقل، فكنت مغيبًّا وأن ترص كلماتك التي خرج بعضها عن النص المتزن والقول الحصيف.
يفتخر البكري إنه تبوأ منصب الوزارة والدماء لازالت مسكوبة ورائحة الجثث المحترقة في عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية لا زالت باقية، شجاعًا مقدامًا غير مرتهن لغيره، كان يحمل خشبته على ظهره ولا يجد من يصلبه عليها، تلفح وجهه "السمرة" وتغطي جسده ملابس "مهترئة" وتمتلأ عينيه بـ "الأتربة"، في الوقت الذي كان فيه غيره يتسكع في شوارع القاهرة ويهيم بين الزوايا والأركان في أوروبا وينام على الأسرة الفارهة.
من المهم أن تعلم يا صديقي، أن القيادة لا تريد شهادة بقدر ما تبحث عن إقدام وشجاعة، وأن الوقوف في مقدمة الصفوف لا يحتاج نياشين وأوسمة فارغة بقدر ما هي إرادة وجرأة وحكمة، ولكم في عفاش الذي ارتميتم في احضانه سنوات طويلة عظة وآية، من القبح الانتقاص من رجل تصدى للمشروع السلالي الفارسي المجوسي التي أرادت مليشيا التخلف والكهنوت "جماعة الحوثيين"، وبدعم من أطراف خارجية غرسه في خاصرة اليمن والخليج، تحت شعارات ملونة، ومقولات زائفة، ظاهرها الدين وباطنها أحزمة طائفية مقيتة، هدفها ضرب الوطن والوطنية والخصوصية والعروبة.
منذ تولى البكري قيادة الوزارة، سعى إلى التسامي فوق الجراح، والحفاظ على المنظومة الرياضية بشكل عام، بعيدًا عن كل ما يعكر صفو أجواءها ورسالتها السامية، حيث دعمت وزارته كافة المشاركات الخارجية وفي كافة الألعاب وساهمت في دعم وتأهيل المئات من المنتسبين للرياضة وعلاج اللاعبين والكوادر وبناء المنشآت الرياضية والملاعب والصالات واستنهاض الهمم والطاقات رغم ظروف الحرب وشح الإمكانيات، فكانت أعمال بحجم الآمال، ومن يقول غير ذلك أما أنه أعمى أو في عينيه رمد.