الإثنين - 28 أبريل 2025 - الساعة 08:18 م
في لحظة تاريخية حرجة ومفصلية في المشهد السياسي اليمني يظهر التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية كفعل سياسي وطني متقد، ذي تفكير سياسي أعمق ومسؤولية وطنية منبثقة من صلب القضية اليمنية ومهامها الجسيمة، وغاياتها الشاهقة التي تفرض واقعاً سياسياً أكثر دينامكية وحراكاً فاعلاً للتعاطي مع مجمل المستجدات والأحداث المتفاقمة في الساحة اليمنية، حيث يجب أن تكون للقوى السياسية دوراً مشهوداً في زحزحة الحاضر واستشراف المستقبل .
ولذا كان تشكيل التكتل في نوفمبر الماضي خروجاً على الجمود وتمرداً على الصمت الجاثم في الواقع، وتحريكاً للمشهد السياسي اليمني والتفاعل مع مختلف القضايا على كافة الأصعدة والخروج من قوقعة اللامبالاة إلى حلبة الإسهام والمشاركة ووضع التصورات، واتخاذ مواقف حساسة في كل المنعطفات كواجب وطني وإنساني وأخلاقي ومسؤولية سياسية لا يمكن التفريط فيها تحت أي مبرر، والدفع بالأحزاب والمكونات السياسية إلى واجهة صنع القرار وتقديم حلول ومقترحات مدروسة متماهية مع الأسباب والدوافع ومبنية على قراءات جذرية تستقصي الواقع اليمني وتضع حلولاً مناسبة للخروج من التأزمات والإشكاليات العالقة في كل لحظاته.
وفي هذه اللحظة بالغة الحساسية والقيمة يعمل التكتل الوطني بكل طاقاته لاستغلالها واستثمار معنوياتها وانتهاز تأثيراتها لخلق واقع سياسي أكثر جدية ومسؤولية من خلال تحريك المياه الراكدة وتنشيط عمل القوى السياسية، وتوحيد صفوفها ومواقفها والدفع بها لاتخاذ حزمة من الخطوات والاجراءات القيمة لفرض حضورها وتقديم تصوراتها، وتحقيق تغيرات على الأرض والقضية .
حرص التكتل على عقد لقاءات مكثفة، وإجراء حوارات مستمرة مع كل الجهات المعنية بالشأن اليمني، سواء في الداخل أو في الخارج، مع القيادة السياسية للشرعية اليمنية أو مع العديد من البعثات الدبلوماسية والمسؤولين العرب والأجانب وكل الداعمين لمسار استعادة الدولة وتحقيق تطلعات الشعب اليمني وإنهاء الانقلاب الحوثي.
لقد طرح التكتل الوطني في اجتماعه الأحد 27 أبريل الجاري برئاسة الدكتور/ أحمد عبيد بن دغر رئيس التكتل وحضور ممثلين من كافة القوى المنطوية في التكتل البالغة ثلاثة وعشرين حزباً ومكوناً سياسياً، أقرت عدة مقترحات جدية وصارمة على رأسها تشكيل لجنة مختصة لوضع خطة شاملة وتصور كلي لمرحلة ما بعد إنهاء الانقلاب الحوثي، وتدل هذه الخطوة المهمة عن سد الفراغ المهدد للأزمة السياسية في حال ما تم إسقاط الانقلاب، وهي خطوة استباقية كان يجب طرحها مسبقاً كإثبات قوي على استعداد كل القوى اليمنية على إدارة الدولة وصياغة كافة الخطط واللوائح المنظمة لطريقة إداراتها، وكانت هذه النقطة بمثابة مربط الفرس التي يتحجج بها المجتمع الدولي والاقليمي كذريعة لتأجيل التفكير في كيفية إنهاء الانقلاب ومساندة الشرعية اليمنية في إنجازه، لكن هذا التحرك الجاد والخطوات الإجرائية ستلغي ورقة المساومة تلك وتضع كل المعنيين أمام خيار الوقوف مع استعادة الدولة أو ضدها دون مخاتلة أو مراوغة .
يتبنى التكتل الوطني الأصول المرجعية الأساسية للشرعية اليمنية حيث الإجماع الوطني والتوافق السياسي بعيداً عن الصورة القائمة التي تقفز على الثوابت الحقيقية لمشروع استعادة وبناء الدولة وإنهاء الانقلاب، وضمان مشاركة كل القوى في صنع مستقبل الدولة والشعب، ووضع حد لكل التأزمات السياسية والاقتصادية التي تعيق المشهد وتخرجه عن سياق تحقيق أي فعل حقيقي، وتعيد الإرادة السياسية للقوى اليمنية وتفرض حضورها في الفعل السياسي دون أي إملاءات أو هيمنة تحت أي ظرف، ويأتي هذا التحرك السياسي للتكتل بعد انسداد الأفق وتعطل الدور الوطني وتجميد فاعلية القوى اليمنية، وبلوغ الوضع السياسي والاقتصادي في البلد مبلغاً خطيراً من التهاوي والانزلاق والانحراف في الفشل والاخفاق في إحداث أي فعل لصالح المشروع الوطني الجمهوري وبناء الدولة والتخفيف من معاناة الشعب .
ولذا فإن التكتل الوطني يتحرك برؤى إيجابية ويعمل بمسؤولية وطنية وتاريخية ويتبع كل الدروب المثالية والخيارات الاستراتيجية في تحركاته ولقاءاته وتصوراته، في ظل المستجدات الطارئة والمتغيرات الدولية التي طرأت على الساحة العالمية، ومحاولاته الملحة لتغيير نمط التفاعل مع القضية اليمنية في لقاءاته مع المسؤولين في المملكة أو مع البعثات الدبلوماسية أو مع مجلس القيادة الرئاسي، من أجل حشد التعاون والمساندة والوقوف مع الشأن اليمني دون تردد أو خشية لأي تخوفات وذرائع غدتها بعض الأجندة المناوئة لمصلحة اليمن أرضاً وإنساناً .
علينا مباركة ما يقوم به التكتل الوطني من مواقف وخطوات عملية فارقة قادرة على تجاوز منطق التعثر والخذلان والخيبة التي تجثم على الوضع سياسياً واقتصادياً وعسكرياً .